الأحد 09 مارس 2025
وافق مجلس النواب البحريني مؤخراً على اقتراح مهم يمنح الموظفين العاملين في القطاع الحكومي إجازة مدفوعة الأجر لمدة ثلاثة أيام عند ولادة طفل لهم، وهو قرار ينتظر استكمال إجراءاته التشريعية.
يمثل هذا القرار خطوة إيجابية وهامة نحو تعزيز التوازن بين المسؤوليات المهنية والالتزامات الأسرية للموظفين، لكنه يطرح في الوقت ذاته بعض التساؤلات المشروعة حول تأثيره المحتمل على مستويات الإنتاجية والالتزامات الإدارية في مؤسسات الدولة.
تعتبر هذه الإجازة فرصة قيّمة للآباء الجدد للبقاء إلى جانب زوجاتهم وأطفالهم خلال الأيام الأولى الحاسمة بعد الولادة، وهو أمر يساهم بشكل ملموس في تحسين الاستقرار الأسري وتوفير الدعم العاطفي والعملي الضروري للأم والطفل في هذه الفترة الحساسة.
كما أن هذه الخطوة التشريعية تنعكس بصورة إيجابية على الصحة النفسية للعاملين وتخفف من ضغوط العمل المتراكمة، مما قد يعزز بشكل ملحوظ مستوى رضاهم الوظيفي وإنتاجيتهم وولائهم المؤسسي بعد عودتهم إلى مقر العمل.
ومع ذلك، فإن بعض المراقبين والمختصين يرون أن مدة الإجازة المحددة بثلاثة أيام فقط قد لا تكون كافية بالمقارنة مع تجارب وممارسات دول أخرى تمنح فترات أطول، إضافة إلى أن تطبيق هذا القرار قد يضع ضغطاً إضافياً وتحديات لوجستية على المؤسسات الحكومية، خاصة في حال تزامن ولادات عديدة ضمن نفس جهة العمل أو الإدارة.
عند مقارنة هذا القرار مع التجارب والممارسات الدولية في هذا المجال، نجد أن دولة الإمارات العربية المتحدة المجاورة تمنح الآباء العاملين في القطاع الحكومي إجازة مدفوعة الأجر تتراوح مدتها بين ثلاثة إلى خمسة أيام، بينما في المملكة العربية السعودية يحق للآباء الحصول على يوم واحد فقط كإجازة أبوة.
أما على الصعيد الدولي، ففي فرنسا يحصل الآباء على إجازة سخية تصل إلى 28 يوماً منها سبعة أيام إجبارية، في حين تتيح السويد نظاماً مرناً للغاية للإجازة الوالدية يصل إلى 480 يوماً يتم تقاسمها بشكل مرن بين الوالدين وفقاً لظروفهم واحتياجاتهم.
في الولايات المتحدة الأمريكية، لا يوجد قانون فيدرالي موحد يمنح إجازة أبوة مدفوعة الأجر، لكن العديد من الشركات والمؤسسات الكبرى تقدمها طواعية ضمن سياساتها الداخلية وحزم المزايا التي تقدمها للموظفين، بينما في المملكة المغربية تمنح الحكومة للآباء إجازة سخية نسبياً مدتها 15 يوماً مدفوعة الأجر بالكامل.
يبقى التحدي الأساسي والجوهري في البحرين هو تحقيق توازن دقيق ومدروس بين دعم الأسرة البحرينية وتماسكها من جهة، وضمان استمرارية العمل الحكومي بكفاءة وفعالية من جهة أخرى.
قد يكون من المفيد والمجدي لصناع القرار دراسة إمكانية تمديد فترة الإجازة مستقبلاً أو تطبيقها بشكل تدريجي ومرن وفقاً لاحتياجات الموظفين والجهات الحكومية المعنية، مما يضمن في النهاية تحقيق أكبر استفادة ممكنة لجميع الأطراف المعنية، وتعزيز رفاهية الأسرة البحرينية دون التأثير سلباً على الإنتاجية والكفاءة الإدارية.
